تم تصنيف فيروس SARS-COV 2 ضمن فصيلة تسمى coronavirinae و التي تنتمي الى عائلة coronaviridae و التي تنتمي بدورها الى رتبة nidovirales , و تنقسم هذه الفصيلة الى أربعة أجناس α و ϒ و Δ و β و تصيب كل من ألفا و بيتا الثدييات فتسبب أعراضا تنفسية عند البشر و أمراض معدية و معوية عند باقي الحيوانات, أما جنسا ديلتا و غاما فمعظمها تصيب الطيور .
و قد كان للإنسان نصيب من هذه الفيروسات حيث أصيب بعدد منها في العقود الأخيرة والتي كانت لها اَثار مدمرة كفيروس SARS-COV و MERS-COV و HCOVNL63 ... و قد تبين أن أصل كل هذه الفيروسات كان حيوانيا, و معظمها انتقل من الخفافيش الى الانسان عبر حيوانات أليفة وسيطة, و في هذا المقال سنتطرق الى أصل و تطور SARS-COV و الذي ظهر في الصين عام 2002 كونه أقرب أقرباء SARS-COV 2, حيث أن الطريقة التي ظهرا بها متشابهة إن لم تكن نفسها حسب دراسة نشرت قبل يومين على nature و سنعود لهذه الدراسة في اَخر المقال .
بعد 2002 تمت دراسة فيروسات كورونا في الخفافيش بشكل مكثف و توصلت العديد منها الى وجود فيروس قريب فيلوجينيا الى حد كبير بsars-cov سمي ب SARSr-COVs منتشر بين الخفافيش في كل من اروبا و اسيا و افريقيا على شكل سلالات, و أحد أكثر العوامل التي ربما جعلت الوباء يظهر في الصين هو رصد تواجد كل هذه السلالات في خفافيش كهف Yunnan في الصين, ما يوفر كل الموارد الجينية لتطور SARSr-COVs الى SARS-COV في أحد هذه الخفافيش من خلال توليف جيني Genetic Recombination .
و لفهم كيفية ظهور SARS-COV تمت مقارنته بالسلالات التي تطور منها عند الزباد the civet و هو حيوان يشبه القط و عند الخفافيش (انتقل الفيروس من الخفافيش الى الزباد ثم انتقل من الزباد الى الإنسان). فتبين وجود اختلافات طفيفة على مستوى البروتينات S و ORF8 و ORF3, و ما يهمنا هنا هو التغيرات التي حدتث على البروتين S Spike Protein و هو البنية الخارجية المحيطة بالفيروس و الذي يظهر على شكل مسامير , فهي التي تمكن الفيروس من الارتباط بالخلايا و اقتحامها .
يحتوي هذا البروتين على مستقبل على شكل خطاف يسمى RBD اختصارا لreceptor-binding domain و الذي يمتلك القدرة على الارتباط بأنزيم مستقبل يوجد في خلايا الثدييات يرمز له ب ACE2 و عند الانسان يرمز له ب hACE2 و كلا المستقبلين يحتويان على بنى بروتينية تعمل كنقاط اتصال مباشرة hot spots بين الفيروس و الخلية , و تحمل هذه البنى رموزا تميزها عن باقي البنى الاخرى (sp480, asn479, phe472 …) و تعمل هذه البنى البروتينية كجسور تربط بين الفيروس و الخلية عن طريق تفاعلات كهربائية , فلو كان ACE2 يحتوي lys31 و lys353 فإن أي سلالة من فيروسات SARSr-COVs المتواجدة عند الخفافيش امتلكت Glu35 و asp38 فإنها ستحدث تفاعلا كهربائيا مع lys353 و lys31 في نقاط اتصال ترقم ب hot spot 31 , 353 و يرتبط بذلك RBD و ACE2 و يصبح الانسان معرضا للإصابة ب SARS-COV .
توجد العديد من سلالات SARSr-COVs في الخفافيش منتشرة حول العالم و تحتوي كل منها على عدد كبير من البنى البروتينية التي تشكل نقاط اتصال بين الفيروس و المستظيف على RBD الخاص بها , و لكون فيروسات SARSr-COVs حاملة لRNA فإنها سريعة التطفر , و لذلك فإن امكانية ظهور سلالات أكثر عدائية منها أمر وارد في المستقبل , فإي تطفر يساعد في تحويل احدى هذه البنى phe472 مثلا الى بنية أخرى على RBD الخاص بالفيروس يمكنها الارتباط بlys31 مثلا في ACE2 على الخلية ,فإنها ستشكل نقطة اتصال بين الفيروس و الخلية, و تفتح ظروفا بيئية جديدة أمام الفيروس لاجبار الخلية على صنع نسخ أكثر منه, و يتم انتقاء هذا التغير طبيعيا ليصبح هذا النوع من الفيروسات سائدا في المستظيف الجديد . نفس الأمر حدث مع SARS-COV 2 حيث أكدت دراسة نشرت منذ يومين على nature أن الاختلاف بينه و بين SARS-COV طفيف للغاية, و نفت امكانية تعديل فيروس كورونا المستجد مختبريا بينما أكدت على أن أصوله حيوانية شأنه شأن سابقه SARS-COV و قد انتقل الى الانسان عبر وسيط .
ان فهم اَليات ارتباط RBD بالخلايا و الطفرات التي مكنته من التكيف مع ACE2 يمكن أن يساعد في التوصل الى علاج يحد انتشار هذا الوباء و يمكننا من التنبأ بامكانية ظهور فيروسات SARS-COV في المستقبل كما تنبأت بذلك عدة دراسات في الماضي , ففي بحث علمي من 2011 جاء فيه ما يلي :
it remains possible for SARS-COV to re-emerge into the human population through civets or other animals .
كوفي دراسة مفصلة نشرت عام 2019 استندت في تنبؤها على التنوع الهائل لسلالات SARSr-COVs في الخفافيش على مستوى العالم لتقول أنه كان من المتوقع ظهور تغيرات جديدة في المستقبل يمكن أن تنشأ فيروسا معديا .
Given the prevalence and great genetic diversity of bat SARSr-CoVs, their close coexistence and the frequent recombination Of the coronaviruses, it is expected that novel variants will emerge in the future.
الفيروسات المعدية لا تنزل من السماء , و إنما تتطور من فيروسات كانت في الماضي غير معدية .